يا صديقي لو عَلمتَ ما خُبِّئ لك من خيرٍ لما شعرتَ بقلقٍ قط، يا صديقي لو أيقنت أن الله لا يُغلق في وجهكَ بابًا إلا وفتح لك عشرًا تغنيك عنه لما اكتئبت. ولكن ماذا نفعل؟ إنها سُنة الكون أن نّمرَّ بأيَّامٍ عسيرة، مريرة كالعلقم، سقيمة وأشدُّ سُقمًا من مرض، ثقيلة وأثقلُ من فيلٍ على باخرة تجوب المُحيط. لا يُغلق اللهُ لك بابًا إلا لأنه خيرٌ لك وعليك. وأنَّ الله سيغنيك بأبوابٍ لم تحسب لها حساب من قبل.
ما بعد الظلام إلا النور، وفي نهاية النَّفَقِ مخرجٌ من كل أوقاتك الصعبة، بعدَ الليالِ حالكة السَّوادِ فجرُ يومٍ جديد وفرصةٍ جديدة، بعد كل وقتٍ مريرٍ وقتٌ أكثر سعادة. ألم يقل قائِلٌ بأن الأوقات العسيرة تصنعُ العُظماء؟ ألا تتفكرُ بلحظاتك الصَّعبةِ تلكَ التي اعتقدتَ أنَّها النهايةُ لا ريبَ فيها؟ ها أنت هاهنا الآن حيٌ ترزق وأمامكَ عشرٌ أبوابٍ مفتوحةٍ لك على مصارعها تدعوك للولوج والمُغامرة والبدء من جديد.
وسوف تخوضُ مغامرتكَ الجديدةِ تِلكَ ولسوف تحظى بأوقاتٍ عظيمة وأعوامٍ سعيدة، ولسوف تخوض غمار الحياةِ منتشيًا بنشوة أوقاتكَ السَّعيدةِ تلك بصحبة رِفاق دربك، عائلتك والأشخاص الرائعين من حولك. ولسوف تصبحُ تلك الأيامُ العسيرةُ ذكرياتٍ تحكيها وقصصًا ترويها، تلك الأيامُ الصَّعبة التي بنيت عليها مجدك. إنَّ المجدَ يا صديقي يستدعي أساسًا صلبًا والأساسُ الصَّلب يأتي حينما تشقُ طريقك من داخل أوقاتك العسيرة. ألم يقل الشَّاعر بأنك لن تذوق المجدَ حتى تلعقَ الصبر؟ إنك تصبر وتحتسب أوقاتك تلك عالمًا بأنها ستعبر بك نحو أوقاتك السعيدة.
وحينما تصلُ إلى القمةِ مرةً أخرى تذكر أن الحياةَ مراحلٌ يا صديقي، وأنَّه لكل مرحلةٍ رفاق وذكريات وتفاصيل ولحظات، لذا كن سعيدًا بكل لحظة، استغلها جيدًا وعش لحظتك وكأنه لا هموم لك، عِش كالطفل الذي لا يفكر إلا بالحاضر. لا تكن عالقًا في ماضيك ولا قلقًا على مستقبلك، فلن يصيبك إلا ما كتب الله لك.
كنتُ أرجو معرفة هذه السطور من قبلُ، ولكنَّ اللهَ كتب عليَّ أن أخوض أوقاتًا عسيرة، ثم ألهمني أن أتفكر فيها وأستخلص دروسي منها، أنا أرجو أن أعملَ بدروسي هذه مهما حييت ومهما طال بي العُمر.