ولماذا؟ لأني لم أختر الشخص الصح الملائم لقيمي ومعتقداتي ولأنني تجاهلت العلامات الحمراء معميًا بدافع الاعجاب وليس الحب كما اعتقدت. وعندما تجاهلتُ كل هذا ووضعت كُلَّ ثِقلي ،مشاعري ،قلبي ووقتي في علاقتنا وعند أولِّ مطب رأيتكُ تسيرين مُبتعدة غيرَ آبهةٍ بكل ما كان أصابني هذا في مقتل. لم تكن الكفة متوازنة يا عزيزتي منذ البداية لذلك كان مُصابي أعظم، وياله من مُصاب ذلك الذي ألمَّ بي. رماني في غياهب الحزن لأشهرُ معدودات وخسرتُ وقتًا ثمينًا وطاقةً غالية لا تُسترد مهما حييت. لقد كان حُبك يا عزيزتي لُعبةً خاسرة ولكنه في نفس الوقتِ كان درسًا قيِّمًا، وقيمًا للغاية كذلك.
علمتني هذه اللُعبة الخاسرة أشياءَ كثيرة عن نفسي وعن الآخرين وجعلتني أنضج كما لم أنضج من قبلُ على الصَّعيدِ النفسي والعاطفي كما أنها علمتني أهمية الانتباه للعلامات الحمراء في بدايةِ كُلِّ أمرٍ لأنك وحينما تتجاهلها سوف تلقى مالم تحسبنَّ له حسبان يا صديقي. علمتني هذه اللعبة الخاسرة أنه في العلاقات الانسانية لابُدَّ من التوازن فيها وإلا انعدمت الكفة وخربت العلاقة وكان مصيرها الفشل، ومصيركَ الألم، وكلُ الألم يا صديقي. علمتني كذلك أهمية التوافق على مستوى القيم والمُعتقدات بين الشَّركاء في الحياة. كما أنها علمتني أن تختار الشخص الصَّح، الشخص الكفو الذي سوف يقاتل معك حتى النهاية ويبذل الغالي والنفيس في سبيل نجاح علاقتكم.
علمتني كذلك ألَّا أرفع سقف توقعاتي عن الناس لأنهم غالبًا ما سوف يخيبون آمالك حينما يقعون بين اختيارين، أنفسهم أم أنت، وسوف يختارون أنفسهم ولا يمكنك لوم أحد في الحقيقة، عدا نفسك التي سمحت لها أن تختار خطأ منذ البداية. في العلاقات لا يوجد أنا أو أنت، وإنما يوجد نحن، فاختار الشخص الذي سوف يختار نحن في كُلِّ مرة تواجه علاقتكم مطبًا أو مشكلة. اختر الشريك الذي سوف يقاتل لأجلِ نحن دائمًا وأبدًا. أنا لا أقول ولا أطلب بحذف الذات من العلاقات الانسانية، بطريقةٍ أو بأخرى كل العلاقات الانسانية التي نخوضها هي امتدادٌ لنا في حقيقة الأمر. علاقتك العاطفية هي امتداد لكل ما مررت به طفلًا ثم شابًا ثم رجلًا يا صديقي.
ياله من درسٍ قيمٍ كان لا بُدَّ لي من خوضه بنفسي، كان لا بُدَّ لي من تذوق آلامي وأحزاني كما لم أذقها من قبلُ. كان لا بُدَّ لي من المرور بهذه المرحلة من حياتي حتى أتعلمَ قيمة اختياراتي وأتعلم مغبة الاختيار الخاطئ، كان لا بُدَّ لي من المرور بهكذا ألم حتى أتعلم مغبة تجاهل العلامات الحمراء في بداية كُلِّ علاقة، وأنك حين تتجاهل هذه العلامات الحمراء فإنك على موعدٍ مع آلامٍ لا تُطاق يا صديقي.
درجة الألم ومدى استعدادنا وتقبلنا لآلام الصدمات العاطفية يختلف من شخصٍ لآخر ولكن الجميع سوف يُجمع على مدى قسوة هذه الآلام بطبيعة الحال. تختلف درجة حزنك وألمك اعتمادًا على خبرتك في هذه الأمور، فإن كانت هذه تجربتك الأولى فحضر نفسك جيدًا للكثير من الآلام حينما تتجاهل العلامات الحمراء بدافع انبهار البدايات، تحمل ما سوف يأتيك حينما تختار الشخص الخطأ، تحمل ما سوف يأتيك حينما تتنازل وحينما تكون الطرف الذي وضع ومازال يضع ويستثمر في العلاقة أكثر من شريكك. تحمل كل هذه الآلام التي ما أن تصيبك حتى تطرحك أرضًا بشكل شنيع، وشنيعٍ للغاية يا صديقي.
لقد استغرق الأمرُ مني ثمانيةَ أشهرٍ كاملة حتى أتخطى ما مررت به نتيجة اختياراتي العمياء، لا ألومُ أحدًا ولا حتى نفسي، لقد كانت تجربة أشعر بالامتنان لخوضها جعلتني أنضج وأتعلم الكثير جدًا عن نفسي وعن الآخرين، وعلى أيِّ حالٍ لا ألومُ نفسي فلقد قمتُ بما كان واجبًا عليَّ القيامُ به، لقد تقدمتُ لخطبتك ولكن على ما يبدو جوازُ سفري لم يكن كفؤًا لأصولكِ الشريفة للغاية، وأقتبس ما قُلته لي عزيزتي أنك لست على قدرِ المعركة التي كُنا على وشك خوضها سويةً. فأيُّ شريكةٍ أنت وأيُّ معركة هذه التي كنت أودُّ خوضها لأجلك؟