إذا تخيلت الحياة على شكل خط فإن هذا الخط له بداية معلومة ونهاية كذلك. أنت قد لا تعلم شكل هذه النهاية لكنك تعلم علم اليقين أن هذا الخط سوف ينتهي في مرحلةٍ ما وبطريقةٍ ما. فقد خلق الله الكون وجعل له بدايةً معلومة وله نهاية كذلك لكننا نجهلها بطبيعة الأمر. خلق الله عز وجل كل الأمور من بداية ونهاية في هذه الحياة الدنيا وفي هذا الكون الفسيح. لأعظم الأمور وأتفهها بداية ونهاية لأعظم الأمور وأكبرها كذلك بداية ونهاية. تبدأ الامبراطوريات بداية ثم تخطو نحو لحظات أوجِّ عظمتها ثم تبدأ في الانحدار وتنتهي لتقوم امبراطورية أخرى مكانها.
كذلك الأمر في كل أمور الإنسان على هذه الأرض الفانية لها بداية ونهاية، لكل أمرٍ نهاية وبداية قد تتقبلها وقد لا تتقبلها، قد تحبها وقد لا تحبها، قد تخطط لها وقد لا تخطط لها، قد يكون في مقدورك تغييرها وقد تقف موقف المتفرج في البداية والنهاية وما عليك إلا أن تتقبلها وأن تتعايش معها. لأنك إذا حاولت مقاومة حدث لا يمكنك تغييره فأنت تقوم بإضاعة أثمن ما في الوجود وهو وقتك على هذه الأرض، وطاقتك التي وهبها إياك الخالق جلَّ في علاه. وعلى حساب ماذا؟ على حساب باقي ملذات الحياة الدنيا الأخرى التي لم تستكشفها أنت بعد لأنك مشغول بمقاومة ما لا يمكنك تغييره البتة.
لكل إنسانٍ القدرة على التخطيط بدقة لأموره في الحياة، إلا أن فوقنا جميعًا خطة تفوق كل خططنا ومهما حاولت وقاومت سوف تمر بنهايات لا مفرَّ منها يا صديقي، خذ وقتك واحزن لمرورك بالنهاية التي لم تخطط لها ولكن حذار أن يغرقك هذا الحزن في دوامة لا مفرَّ منها يا صديقي. خذ وقتك واحزن كما تشاء، إلعن من تشاء واعضب ممن تشاء لكن ضع لنفسك وقتًا محددًا لهذه المشاعر، اعترف بها ودعها تعبرك ثم استبدلها ببقية أمور الحياة التي تستحق طاقتك يا صديقي. لا تبك على الحليب المسكوب فإن دموعك الغالية لن تعيده إلى الجرة مرة أخرى. لا شيء سيعيد الحليب المسكوب ولا طاقتك المهدرة ولا استثماراتك كلها على أمرٍ إنتهى، تقبل الأمر بكل بساطة,
هل انتهت علاقة؟ هل هي نهاية العالم؟ هل هي آخر علاقة ستخوضها في حياتك؟ هل فقدتّ قدرتك على الحب للأبد؟ الإجابة على كل ما سبق هي لا، ليست هذه هي نهاية العالم وليست هذه آخر علاقة ستخوضها ولا، لم تفقد قدرتك على الحب يا صديقي. لكنك نضجت، لقد مررت بتجربة جعلتك تنضج كما لم تنضج من قبل، لقد اكتشفت في نفسك أمورًا كنت تجهلها عنك. في كل أمرٍ وتجربة تخوضها ينضج جزء منك وتتعرف على نفسك بصورة أكبر وأفضل والأهم من هذا كُلِّه أن تنظر للأمر من منظور التجربة والتعلم لا منظور الضحية التي وقع عليها الظلم.